الاثنين، 29 ديسمبر 2014

غطاء الوجه .... بالمنطق

بسم الله الرحمن الرحيم 
مقال رائع من جزءين للكاتبة الفاضلة أ/ حصه الأسمرية 
بعنوان " غطاء الوجه .. بالمنطق "
*******************************
غطاء الوجه .. بالمنطق1

كثر الجدال هذه الأيام حول حكم غطاء الوجه للمرأة المسلمة ، وكأني قرأت وسمعت من بين المجادلين من يطالب بالتخصص وأن لا يتكلم أحد إلا في مجال تخصصه ، ولأن تخصصي رياضيات أخترت ان اعرض وجهة نظري منطقيا وبأسلوبي الشخصي.


أولا : جميعنا يؤمن منطقيا بأن الاختلاف يُقبل في الأنواع وليس في الحقائق ، فنستطيع أن نتقبل ان الرقم 1 يختلف عن الرقم 2 ، ونقبل أنواع كثيرة من الأرقام ونرحب بتنوع القواعد والمسلمات ، ولكننا لن نقبل أن يقال مثلا أن 1+ 1 = 3 ، فهذا ليس من التنوع ولا من الاختلاف المقبول ، بل عسف للحقيقة ، فالحقيقة لا تعسف ولا تتعدد ، ومن هنا هل الأمر بغطاء الوجه في القرآن حقيقة لا تقبل العسف أم نوع نقبل تعدده؟

افتح المصحف على سورة الأحزاب وانظر للآية التي لا نختلف فيها جميعا بانها موجهة فقط لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن ولا نختلف بأنه يقصد بها غطاء الوجه (وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ..) آية 53.
هذه الآية في اعلى الصفحة.، وفي نفس الصفحة ولكن أسفلها نجد أمر عام لزوجات النبي عليه الصلاة والسلام وبناته ونساء المؤمنين.. ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن)59.

فلتتخيل انك تتكلم مع ثلاث مجموعات من النساء وفي نفس المجلس ، فقلت للمجموعة 1 تحجبن وقصدت فيها تغطية الوجه والجميع فهم ذلك ، .وبعدها بثواني تنادي  المجموعة 1و2و3  بأن أدنوا جلابيبكن ، هنا امرت المجموعة 1 مرتين وفي نفس المجلس بفرق ثواني .
إن كان الجلباب يقصد به كشف الوجه . هذا يعني ان الأمر الأول للمجموعة أُلغي في نفس المجلس وبفرق ثواني وأسطر ، وكأن هناك تذبذب وشتات في طرح الأوامر !! وسبحان الله عن ذلك.
وإن كان الجلباب يقصد به غطاء الوجه فهذا يعني أن الأمر الأول عُمم في نفس المجلس ، وهذا امر منطقي ومعقول .
ولله المثل الأعلى ، فهل نقبل بأقوال فلان وعلان بعد أمر الله سبحانه.

وكما يظهر فإن الأمر الرباني في القرآن حقيقة لا تقبل العسف موجهه لجميع نساء المؤمنين .


لازال لمنطقي بقية وأختم هنا : بأني وبشكل غريب أستبشر بوجود التصرفات الملتهبة المصادمة لقيمنا وثوابتنا ، لأنها فرصة للتعامل معها كفيروسات تحركنا لنصنع مناعة طبيعية لثوابتنا أقوى من المناعة المكتسبة التي اكتسبناها في العقود القريبة ، لعلنا ننعم ببعض من مناعة القرون الأولى .



غطاء الوجه .. بالمنطق 2

في المقال السابق بعنوان (غطاء الوجه بالمنطق 1 ) أثبتت بأن الأمر الرباني في القرآن بغطاء الوجه لنساء المؤمنين لا يعتبر نوع يقبل التنوع بل حقيقة لا تقبل العسف وكانت أولاً، ولعلي هنا أكمل رؤيتي لحكم غطاء الوجه بالمنطق بثانياً .

ثانيا : رياضياً ومنطقيا يعرف بان القيم يكون فيها الخطأ متعدد والصواب لا يتعدد عندما نقول (و and )  بين أي قيمتين ، فيكون صواب فقط عندما تكون القيمتان صائبتين وغير متناقضتين ، وعندما تتناقض القيمتان أو تكون إحداهما خاطئة فالنتيجة قيمة خاطئة ، أي عندما أقول ان غطاء الوجه واجب مطلقا وفي نفس الوقت يجوز الكشف بشكل مطلق تصبح القيمة الناتجة خاطئة ، لأنها قيمتين متضادتين ، ولن تكون النتيجة صائبة إلا إذا كانت القيمتان مترادفتين وصائبتين ، وفي نظري لن تكون القيمتان كذلك إلا إذا أزلنا عنها الصفة المطلقة ، هنا لن نخترق انفراد الصواب للحق عند وجود قيمتين.

ومن هنا نتساءل : من أجاز الكشف من أتباع الأئمة هل أجازوها بشكل مطلق ؟ وأيضاً الأئمة عندما أوجبوا التغطية هل أوجبوها بشكل مطلق ؟

لدينا عدد من المعطيات منها :
- أن أتباع الأئمة في جميع المذاهب الأربعة (الأتباع وليسوا الأئمة) لهم أقوال في جواز كشف الوجه .
- أن الأئمة أنفسهم وفي جميع المذاهب الأربعة لهم أقوال في وجوب تغطية الوجه.
- هناك كم من الأدلة والأحكام لا نستطيع تجاهلها تثبت وجوب غطاء الوجه وأوامر في كيفية التعامل مع غير المحارم تؤيد وجوب تغطية الوجه.
- لا نجد في تاريخ القرون الثلاثة نقلاً عن واحدة من نساء الصحابة أو نساء التابعين أو تابعيهم أو تابعيهم ، من تكشف وجهها ، ربما لم يكونوا على علم بحكم الجواز ، وسبقناهم !!
 بحل هذه المعطيات نجد أن كل المعطيات لا تقبل ان تتساوى مع المعطى الأول ولا حتى تتراجح ، ليتكرر السؤال : هل أتباع الأئمة اجازوا كشف الوجه بشكل مطلق ؟
هنا نطرح عدة احتمالات :
-إما ان هناك ( تفاصيل) ذكرها أتباع الأئمة الذين أجازوا الكشف ويحتاج أن نبحث عنها
 وهذا هو الاحتمال الأرجح
- وإما أن الآيات والأحاديث لم تصلهم كاملة وهذا أمر غير معقول فمن لم تصله الأحاديث كاملة فيفترض أن الآيات وتطبيقات الصحابيات وصلت لهم .
- الاحتمال الثالث هو ان هؤلاء الأتباع مضلين وضالين امام هذا الكم من الأدلة والأحاديث والتطبيقات، وأستبعد هذا الاحتمال .


أمامنا الآن الاحتمال الأول بأن هناك تفاصيل ، بحثت بطريقتي ولست متخصصة شرعية فليعذرني أهل الاختصاص في منهجيتي البحثية ، فوجدت أن جميع المذاهب (شافعي وحنبلي و حنفي ومالكي ) اوجبوا وأجازوا !! ، فالأئمة أوجبوا تغطية الوجه ، واستثنوا حالات ، أي أن وجوب التغطية للوجه ليس وجوبا مطلقا مع هذه الاستثناءات.
وبعض اتباعهم أجازوا كشف الوجه عند ( امن الفتنه) ، أي انه جواز (مقيد) بأمن الفتنة ، وليس جوازا مطلقا .

واستغرب عندما فتحت موضوع قيد أمن الفتنة مع أحد المشائخ ، أمرني بتجاهل هذا الأمر بحجة أن أمن الفتنة حجة عائمة غير محددة ! ، ( طيب معليش عائمة والا مو عائمة هي سبب إجازة الأتباع في المذاهب لكشف الوجه ، وهي النقطة التي تثبت أن الجواز للكشف ليس مطلقا عند كل المذاهب ، وهي التي تفسر لنا وجود القولين في كل مذهب ، أم لأن الحكم معلب عندك بالوجوب المطلق ، فتنظر لقيد أمن الفتنة أنه قيد عائم لا يلتفت له ولا للحكم عنده ! ) .
وأيضا أستغرب من المجيزين للكشف كيف يتهربون من قيد ( أمن الفتنة) و يريدونها جوازا مطلقا ! ، خصوصاً انه  في بعض المذاهب بينوا بأن الفتنة تؤمن من القواعد والمشوهة خلقيا وعند الضرورة كتطبيب وقضاء وبيع وشراء وعند عديم الشهوة وعند النظرة الشرعية و عدة امور حددوها يمكنكم البحث عنها.
الخلاصة : من تكشف بشكل مطلق إما أنها جاهلة بهذه الحقيقة أو أنها ممن تؤمن الفتنة منها .

أكرر : بأني وبشكل غريب أستبشر بوجود التصرفات الملتهبة المصادمة لقيمنا وثوابتنا ، لأنها فرصة للتعامل معها كفيروسات تحركنا لنصنع مناعة طبيعية لثوابتنا أقوى من المناعة المكتسبة التي اكتسبناها في العقود القريبة ، لعلنا ننعم بمناعة أقوى قريبة على الأقل من مناعة القرون الأولى .

************************

هناك 6 تعليقات:

  1. طرح منطقي مقنع أهنئك عليه بوركت أناملك

    ردحذف
  2. بارك الله بكم وجزاكم خيرا

    ردحذف
  3. اللهم بارك
    كلمات مسددة من فضل الله
    نفع الله بك،
    وفتح عليك فتوح العارفين ونفع بك.
    جزاك الله خير الجزاء.

    ردحذف