الأربعاء، 26 أغسطس 2015

كيف نتجاوز أزمتنا في الخليج


بسم الله الرحمن الرحيم 

مقال لـ الشيخ د / عوض القرني حفظه الله 

" كيف نتجاوز أزمتنا في الخليج "


من المسلم به في علوم القيادة والإدارة أن التفكير و المبادئ و السلوك والعمل الذي صنع الأزمات الشرعية و السياسية والإقتصادية في أي مكان أو زمان لا يمكن أن يقدم الحلول لتلك الأزمات بل سيكرسها وتتفاقم في ظله مالم يحصل له توبة نصوح وتغيير جذري لذلك كله (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا………)
لقد أتت عاصفة الحزم ثورة جديدة على الأوضاع السائدة في المنطقة و شكلت توجها جديدا أحدث أملا عارما عند الناس و من الجلي أن وراءها تفكير إستراتيجي عميق الوعي والإنتماء للإسلام والعروبة و إدارة الحرب سياسيا وعسكريا أظهرت إحترافية وخبرة يحق لنا أن نفتخر بها لكنها بهذا العمق والتصميم توقفت عند حدود القضية اليمنية ولم يتجاوز لغيرها إلا ببعض الأمور الطفيفة بينما الناس إنبعث في نفوسهم طموحات قد لا تكون واقعية الآن ولئن كان للسياسي ظروفه و حساباته و أعذاره فإن العالم والمثقف يجب أن يبقى معبرا عن نبض المبدأ بثباته و الإنسان باحتياجه وبساطته وعفويته ومن قول الحقيقة والتذكير بها أن نقول : أننا نمر في مرحلة تاريخية بالغة الخطورة و كثير من العلماء و المثقفين الصالحين فضلا عن غيرهم غاية طموحهم أن يرضى عنهم الساسة سواء كانوا على صواب أو خطأ بينما واجب النصيحة يستدعي منهم المصارحة وبخاصة أن جزءا من مشكلتنا أن الشباب يفقدون كل يوم مزيدا من ثقتهم في كل أحد وبخاصة العلماء فتتخطفهم شياطين الإلحاد والغُلو و من أهم أسباب ذلك أن حثالة من العلمانيين أمعنوا في إفساد عقول الأمة وأخلاقها واستفزازها بوسائل إعلام الأمة و أموالها فكان رد فعل الشباب التطرّف يمنة ويسرة .
للاسف أننا في الخليج في سنين خلت أهدرنا فرصا كبيرة وأهملنا وفرطنا في أدوات كثيرة كانت رصيدا لنا ولأهل السنة في العالم، حتى أصبحت كل التيارات السنيّة عرضة للملاحقة الأمنية عالميا بتهم الاٍرهاب فيما عملت ايران على حماية أدواتها ومنحتها رعايتها الكاملة . ولا مناص أمام الأمة للخروج من الأزمة من أن تستعيد السعودية دورها الحقيقي، لأن السعودية تمثل قوة روحية ورمزية ومعنوية و اقتصادية هائلة، والمال هو الركيزة الاولى للقوة المادية ويتفرع عنه القوة العسكرية لكننا لم ننشيء قوة سياسية على المستوى العربي تمثل هذا الثقل هوية وتوجها وضخامة وأثرا ولم نستطع أيضا ان نحافظ على احتواء للقوة الاجتماعية والفكرية السنية الكبيرة المنظمة في المنطقة وهي الحركات الإسلامية الفاعلة وفي مقدمتها {الاخوان المسلمون}. إن حقائق التأريخ القريب ومعطيات الهوية الإسلامية التي لا فكاك عنها تؤكد أن الأعداء التاريخيين للمملكة والسنة بل أعداء الله ورسوله من علمانيين وقوميين ويساريين و أقباط وغلاة الصوفية وعملاء الإستخبارات المجرمة عبر تأريخها من أدعياء التدين فضلا عن التشيع الصفوي والصهاينة والقوى الإستعمارية أنهم يشكلون خطرا وجوديا لنا سواء من كان محركا للمشاريع المناويئة ومن كان أدوات لها. لقد وقع تقزيم و إهمال لأذرع النهج الفيصلي من المؤسسات الإسلامية الدولية التي جعلت المملكة قوة دولية يحسب لها الحساب لأنها تمثل أكثر من مليار ونصف المليار مسلم كالرابطة والندوة والبنك الإسلامي للتنمية و هيئة الإغاثة ومنظمة التعاون وغيرها، بل تجاوزت الأمة التقزيم والإهمال إلى حرب هذه الأذرع والتضييق عليها بعد أحداث سبتمبر، ثم تجاوز علمانيو العرب ذلك إلى شن حرب لا هوادة فيها على التعليم والمناهج و تحفيظ القرأن والهيئات والمحاضن الدعوية والتربوية و الفضائيات الإسلامية وأمثالها . لذلك لابد للخروج من الأزمات الطاحنة التي تتفاقم في الخليج من تفكير جديد وقيم سياسية جديدة غير تلك التي أسهمت في صنع الأزمة و لابد لكل فرد منا وكل مسؤول و الشعوب في مجملها من توبة صادقة عن أي فساد أوظلم أو دعم للظالمين المجرمين أعداء الله ورسوله وعملاء الصهاينة . إننا في حاجة لجعل نهج عاصفة الحزم روحا تسري في كل جوانب حياتنا وثورة تكنس جميع أخطائنا و توثبا يمحو عجزنا و استقامة تنبذ كل اعوجاج سبقها وأن نحذر من التعامل معها كحرب تقليدية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق